زاهر بخيت الفكي يكتب: إنّه السفه يا أهل بلادي..!!

يقول عُلماء اللغة في بعض تعريفاتهم للسفه بأنّه قلة حيلة، وعدم قدرة على تدبُرِ الأمور، وحُسنِ تسييرها وإدارتها، وهو نقص وخفة عقل وطيش، مع اضطراب في الرأي والفكر والأخلاق، وهذه التعاريف بلاشك تقودنا مُباشرة إلى حال بلادنا اليوم، وإلى كثرةِ السفهاء فيها، لا سيّما في ما يتعلّق بالسياسة، والتي تتطلّب من الشخص المُتصدِّر للفعل السياسي، أن يكون أكثر حكمة ومرونة، من غيره لاعتماد الشعب عليه في قيادة القاطرة السياسية، بمهارةٍ وتعقُّل ليتجنّب بها المطبات، ويصل بها لمحطات الاستقرار المنشودة، ومآلات الأوضاع في بلادنا تقودنا عزيزي القارئ إلى الاتفاق التام مع من عرّفوا لنا السفه، ودونكم ما يحدث الأن، انفلات في الأمن، واضطراب في النظام، شُح في الإنتاج، وضياع لحقوق العاملين، مع فشل لا يحتاج منّا لتأكيد، في كل ما يتعلّق بادارة الدولة، فو الله وتالله إنّه السفه في أسوأ أحواله.

إنّه يُحيط بنا من كل الاتجاهات، يُحاصرنا حصاراً أقلق المضاجع، وظلّ يطاردنا في كُل مكان، في حِلنا والترحال، نجده في طُرقاتنا، وفي داخل مؤسساتنا، تمدد في أسواقنا، وشحّ بسببه انتاجنا، فالسفيه يُبدِّد في اللا شئ الوقت والجهد، ويسعى على الدوام لاستفزازك بسلوكه المُعوّج، وذلك لعدم قدرته العقلية على التفكير السليم، وما يجري في واقعنا السياسي، يُذكرنا قول إمامنا الشافعي عليه الرحمة والمغفرة، يخاطبني السفيهُ بكلِّ قُبحٍ فأكرهُ أن أكون لهُ مُجيبا، يزيدُ سفاهةً فأزيدُ حِلْمًا كعودٍ زادَهُ الإحراقُ طيبا، وبالرغم من تباعُدِ العهود، وتطاول العقود، أخبرنا الشافعي عنهم، وأوصانا بكيفية التخاطُب معهم.

لم ولن نمل الترديد والهُتاف، في هذه الزاوية، وغيرها من مساحات الوعي والاستنارة، يا أيها الشعب السوداني، حاصروهم بالوعي، وتكبّروا على أفعالهم، ولا تستمعوا لأقوالهم فإنهم لن ينفعوكُم بشئ، ووجودهم بلا شك فيه ضرر كبير للسودان واهله، وذلك لأننا لم نجد للأسف في قواميس اللغة، وتعاريف قوقِل، من يُعرِّف أفعال من سطوا على السلطة في بلادنا، بغير السفه وخفة الوزن، وقد أعجبني ما قاله القاضي أبو البقاء الكفويّ في تعريفه للسفيه، بأنّه ظاهر الجهل، عديم العقل، خفيف اللّبّ، ضعيف الرّأي، رديء الفهم، حقير النّفس، مخدوع بالشّيطان، أسير للطّغيان، دائم العصيان، لا يبالي بما كان ، ولا بما هو كائن، لقد صدق الرجُل، ومن وجد غير ذلك فليُخبرنا، فكثرة من ينطبق عليهم القول، لا يحتاج منّي لأن أدلكم عليهم.
يا أهل السودان، لقد طال أمد جُلوس من خلت أجندتهم، من خُطط الاصلاح، ومن خلت أدمغتهم من الابداع وابتكار ما يدفع بالسودان إلى الأمام، والأذكياء على مر التاريخ هُم من قادوا سُفن بُلدانهم إلى مرافئ الأمن والاستقرار، ولا مكان للأغبياء في عالمٍ يقوده أهل العقول، وحملة العلوم، فلا تمكنوا الأغبياء من رقابكُم.


اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.