برحيل مصطفى سيد احمد الذى بلغت سنواته رحيله (27) عاماً ثمة اتفاق على أن الحراك الثوري في حوجه إلىمشروعه الفني الذي كان سيصنع فرقا كبيرا من حيث رفده للغناء الثوري الذي لآزم تجربته الفنية ومشروع مصطفي الذي منذ بدايته استند على شعراء تعامله معهم كان على أن ما بينهم علاقة شراكة لا علاقة فنان بشاعر تنتهي بانتهاء تقديم العمل.
الخرطوم :رندة بخاري
الشاعر قاسم أبو زيد أكد ما ذهبنا إليه حول أن الفنان الراحل مصطفي سيد احمد كان يعتبرهم شركائه في مشروعه الفني قاسم أبو زيد كان أول لقاء له بمصطفى في المعهد العالي للموسيقى الذى جاءه منتسباًَ أما قاسم فجاء عن طريق مكتب القبول وقبل ذلك عمل سيد احمد استاذاً في احدى المدارس التي قدم منها استقالته ليتفرق للدراسة في المعهد وقبل أن يقدم أبو زيد اشعاره له عملا معا في جماعة السديم المسرحية التي قرر أعضائها وهم السر السيد ..قاسم ابو زيد …يحي فضل الله …فادى عبدالباقي ..وصمت هنا قاسم ليمضي بالقول : “قررنا أن ذاك تقديم مسرح سوداني أصيل شكلا ومضمون مع التركيز على التراث على أن لا يكون للمجموعة علاقة بالأجهزة الإعلامية الرسمية وقدمنا عبرها فكرة المسرح المتجول وطفنا الساحات ورفدنا عبرها الشكل الجديد للأغنيات الذى لا يمكن بثها في الاذاعة والتلفزيون” و أضاف “منها خرجت جلسات الاجتماع و كان يرى مصطفى أن شعر المسرح هذا من الممكن ان يتم التغني به لتتفق رؤاه مع رؤى مجموعة السديم و اداروا معا حواراً متواصلاً ووجدوا أن هموهم واحدة”.
لقد اصبت
“لو عيونك ما بشوفوا غير عذاباتي وجراحاتي يلا يا مزماري غنى لون الآهات”
هذا اول عمل قدمه قاسم لمصطفى و كثيرين لا يعرفونه ومن المفارقات ان هذه الاغنية كان من المفترض ان يتغنى بها شخص يدعى فرح حمد كان طالبا ذلك الوقت في كلية الموسيقى ولكن شاءت الاقدار ان يتغنى بها مصطفى في مهرجان الثقافة في مدنى لتتوالى الاعمال بينهما، أكد قاسم أن مصطفى كان مهموما بالفن الجميل وبرفد اغنياته رغم المرض فهو عندما كان في الدوحة سد فجوة غيابه بتركه تسجيل الجلسات التي كان يقوم بها ومن ثم تأتي الينا في السودان وحتى وهو مريض كان حريص على السؤال عن آخر الاشعار ، وقال “هنا يذكرني موقف حدث في اتصال هاتفي جمعني به وصديقنا يحي فضل الله في تلك الفترة التي كانت وسيلة الاتصال صعبة لعدم توفر الهواتف وكنا نعتمد في معرفة اخباره من اصدقائنا هناك بالأضافة الى الرسائل التي تصلنا من حين لأخر وفى المكالمة تلك سألنا عن الجديد وكان يناديني بالفلاح وقلت له هناك عمل ولكن اخزه الفنان الهادي الجبل وقال مصطفى لقد اصبت فالهادي فنان متفرد ولولا غربته لأضاف الكثير الى مسيرة الاغنية الحديثة” وتابع “أوصانا أيضا ويحي قائلا هناك صوت أوصيكم بان تقدموا له اعمال لأنه سيكون له مستقبل ويقصد الفنان محمود عبدالعزيز”.
لغة جديدة
هناك اتفاق على ان مصطفى خرج بالأغنية من ماعونها الضيق الى ماعون اوسع وارحب يسع للحبية وللوطن فتغنى للفقراء ولمرض السل وللعدالة الاجتماعية اكد قاسم ذلك وذاد عليه اغنيته التي سميت بالجديدة لذلك جاءت متميزة وتماشت مع الواقع الجديد انتجت لغة جديدة وكذلك بنيات شعرية جديدة
عاري من الصحة
هناك اتهام يطل براسه كلما مرت ذكرى رحيل الفنان مصطفى سيدا أحمد وهو أن غالبية شعرائه توقفوا عند محطته ولم يبارحوا الى غيره اصبحوا يتخبطون يمنة ويسرى وهذا الاتهام رفضه مدنى النخلى وقال “لم نتوقف والدليل على ذلك اننا قدمنا اغنيات كثيرة لفنانين كثر”، واتفق قاسم مع مدنى وقال هذا حديث غير صحيح فشعراء كثر واصلو مسيرتهم بعد رحيل مصطفى وقدموا أعمال وجدت القبول وشعرائه اتجهوا الى اتجاهات كتابية أخرى وفى قولنا لمدني أنه لولا مصطفى لما كان قال :”ليس بالضرورة لأنني عندما كتبت الشعر لم يكن في بالى مصطفى ولكن عندما التقيته اتفقت رؤانا خاصة وانه فنان عنيد ومتمرد على النص المألوف ومن الصعب اقناعه به ويلتقى في هذه الصفة مع الفنان هاشم ميرغني وقد يبقى النص بحوزة مصطفى لأكثر من عام الى أن يضع له اللحن المناسب”.
حالة من التوهان
شهد العام 1979 م لقاء مدنى ومصطفى في الخرطوم ونمت بينهما علاقة صداقة ضربت بجزورها إلى الأعماق وتحولت الى صحبة عمر واغنية عشم باكر كانت هي فاتحة التعامل بينهما وأكد النخلى في حديثه إلينا أن اكثر ما كان يميز مصطفى هو إدارته للحوار حول العمل الذى ينوى تقديمه ويعقد له الورش، واضاف بصوت حزين “مصطفى رحل واصطحب معه مشروعه الغنائي الذي كان سيتواصل ويكتب له النجاح”، واعترف النخلى انه يعيش حالة من التوهان بعد رحيله وقال “لابد لأي شخص يعرف مصطفى يرتبك بموته وأنا عن نفسى بعد أن غاب ارتبكت كثيرا وفى ذكراه لابد أن نجدد الدعوة بالمحافظة على مشروعه خاصة و أن هناك اصوات جادة ظهرت يمكنها المواصلة ومصطفى كان من المؤمنين بتعاقب الاجيال فهو من قدم الفنان خالد الصحافة الذى وقف الى جواره ولحن له ثمانية اعمال كما لحن ايضا للفنان سيف الجامعة”.