عبدالناصر الحاج يكتب: جدل التسوية.. قفزة بقوة دفع ” دولية” في فضاءات ملغومة !!
قطار “أكتوبر” الاستثنائي هاهو يجري نحو محطة (21) التاريخية آملاً أن يغادرها بسلام حتى يتمكن من وصول محطة أكثر أهمية هذه الدورة ، وهي محطة الـ(25)، وفي الأثناء يُسابق الثوار قطار أكتوبر ليحتفلوا بقدومه في محطة (21) التي تحمل اسمهم ورسمهم وملاحمهم عبر التاريخ ، بيد أنهم أيضاً يعتزمون أن يجعلوا الـ25 من أكتوبر محطة لكتابة تاريخ جديد، بالمقابل تتسارع الخطى في الضفة الحكومية نحو تسوية سياسية جديدة يكون بإمكانها تغيير طبيعة الأجواء الثورية التي يمكن أن يشهدها يومي الـ21 والـ25 في أكتوبر الجاري. والتسوية التي يتم التبشير بها من قائد الانقلاب ، عبد الفتاح البرهان، وكذلك المبعوث الأممي في السودان، فولكر بيتريس، لا تجد آذاناً صاغية هناك في معسكر ما يعرف بـ”الكتلة الثورية الحية”، حيث لا زالت هذه القوى تتمسك بلاءاتها الثلاث، بينما يتملكها ثمة هواجس بأن يتم فرض تسوية منقوصة من قبل المجتمع الدولي وفقاً لسياسة الأمر الواقع .
تبشير بالتسوية
تقول الأخبار الصادرة عن مؤسسات إعلامية وصحفية مرموقة، أن المبعوث الأممي فولكر بيرتس، أعرب عن أمله بقرب حل الأزمة، لافتا إلى محادثات جارية بين المكونين العسكري والمدني تفضي لاتفاق على فترة انتقالية لمدة عامين. وشدد فولكر في تصريحات إعلامية الجمعة على ضرورة ألا يكون العسكريون جزءا من المؤسسات خارج السياسة، مشيرا إلى استعداد البرهان للخروج من الحياة السياسية، ودمج الحركات المسلحة في الجيش. وتجري حاليا المفاوضات برعاية اللجنة الرباعية المكونة من الولايات المتحدة وإنجلترا والإمارات والسعودية، والآلية الثلاثية التي تضم الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والإيغاد، بين المكون العسكري والمجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير بقصر الضيافة في الخرطوم. وتدور المفاوضات على أرضية مشروع الدستور الانتقالي لنقابة المحامين الذي نجح في جمع طيف واسع من الفاعلين السياسيين حوله، واكتسب زخما داخليا وخارجيا. وينص المشروع على إقامة دولة مدنية تتبع نظام الحكم الفيدرالي وتنأى بالمؤسسة العسكرية عن العمل السياسي والحكم ودمج القوات العسكرية في جيش مهني واحد، وحدد مشروع الإطار الدستوري مهام الفترة الانتقالية في مراجعة اتفاق جوبا للسلام الموقع في أكتوبر 2020 وصولا إلى سلام عادل يشمل جميع الحركات غير الموقعة. ومن جهة أخرى، كان رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، كشف عن تنازلات قدمتها القوى السياسية أعلن ترحيبهم بها في إطار التسوية السياسية المُرتقبة. وقال البرهان خلال مخاطبته مواطني منطقة البسابير بولاية نهر النيل ، “إننا ننظر لحال البلد وهمنا أن نرى الشعب السوداني يعيش حياة مستقرة ويأمن على نفسه” و أضاف “هناك بشريات” وقطع البرهان بأن القوات المسلحة لن تتقهر ولن تترك هم السودان وحفظ أمنه وأهله؛ وقال “اجتهدنا في الحفاظ على لحمة البلد وسنظل كذلك”. وأشار البرهان إلى أن الشعب السوداني محروم من الفرح بسبب المخاطر والمالك.ودعا البرهان للتوافق الوطني الذي يخرج البلاد إلى بر الأمان؛ وقال نرى المزايدات والتناقضات والكذب والتلفيق في حق المؤسسة العسكرية”. واتهم البرهان أشخاص بالسعي للفتنة بين الجيش والدعم السريع وأضاف “هذه أكذوبة نحن متعاهدين على حماية السودان؛ ولن نترك لأي حزب ولا جهة اختطاف البلاد” وقال البرهان: “كل ما وجدنا طريقَاً لإخراج البلاد سنسلكه ولن نتردد ولن ننتظر أحد وأي مبادرة تخرج البلاد لبر الأمان سنسير فيها”.وأكد البرهان أن الفريق أول ركن شمس الدين كباشي والفريق أول ياسر العطا باقيان في موقعهما.
الضفة الأخرى
وبحسب صحيفة “السوداني” الصادرة في الخرطوم أمس، كشفت الناطق الرسمي باسم تحالف الحرية والتغيير – المجلس المركزي، سلمى نور ، عن موعد رد المكون العسكري للتحالف بشأن النقاط التي قال للجنة الموفدة للحوار معه، بعد قبوله بمشروع دستور نقابة المحامين أرضية للاتفاق القادم مع أطراف الأزمة، قال إنه سيُحدِّدها ويُبدي مُلاحظاته عليها، قاطعةً بأن الرد سيكون خلال اليومين القادمين. وشدّدت سلمى، على عدم وجود خلافات داخل التحالف بشأن دستور المحامين أو ممارسة العملية السياسية وتطويرها بالتفاهُمات مع أطراف الأزمة. وعلى صعيد متصل، قدم الأمين العام لحزب الأمة القومي الواثق البرير تنويراً حول مجريات الأوضاع في البلاد و مسار الحلول الممكنة لمعالجة الأزمة السياسية وآخر تطورات العملية السياسية. جاء ذلك خلال الجلسة الافتتاحية لانطلاقة الورشة التنظيمية الإعدادية لدائرة التنظيم بحزب الأمة القومي. وبحسب الحزب فقد أشار البرير إلى وجود اتصالات غير رسمية بين أطراف الأزمة لاستكشاف المواقف حول الحلول المطروحة مؤكداً أن تحقيق مطالب الشعب السوداني المشروعة هي المعيار الوحيد للقبول بأي عملية سياسية تنهي الوضع الراهن. من جانبها، أكّدت القيادية في الحزب الشيوعي، آمال الزين، أنّ التسوية السياسية المطروحة تمكّن العسكر من السلطة وتؤمّن للمجرمين الإفلات من العقاب. وقالت آمال الزين في تصريحاتٍ لصحيفة “الانتباهة” الصادرة، أمس السبت، “نرفض التسوية لأنّها تمثّل لنا محاولات لقطع الطريق أمام إكمال مهام ثورة ديسمبر”. وكان قد توّعد القيادي بالحزب الشيوعي كمال كرار، بإسقاط الشيوعي ولجان المقاومة لأيّ تسويةٍ سياسية، وقال كرار بحسب تصريحاتٍ لصحيفة الانتباهة، إنّ هناك قوى ثورية ومركز تغيير جذري ولجان مقاومة، هي التي ستنتصر وتسقط التسوية والانقلاب. وليست الحزب الشيوعي وحده من يرفض التسوية، كذلك الحزب الناصري أيضاً أعلن عن رفضه لمشروع التسوية، هذا فضلاً عن مجموعة الحرية والتغيير – الوفاق الوطني، فهي أيضاً لا تريد أية تسوية بين المؤسسة العسكرية والحرية والتغيير – المركزي وعلى حساب اتفاق سلام جوبا . أما لجان المقاومة فهي تمضي في خطتها الرامية لمحاصرة الانقلاب عبر ثورة شعبية وتنخرط لجان المقاومة في جداول حراكها الثوري لشهر أكتوبر وصولاً إلى الذروة في 21 أكتوبر وفي نفس الوقت تتمسك بلاءاتها الثلاث.
كواليس
البرهان يسعى لـ(إحراق) الحرية والتغيير أمام مرأى وأسماع المجتمع الدولي !!
لم يستبعد مراقبون بأن قائد الانقلاب عبد الفتاح البرهان والذي يتشكك فيه غالبية السودانيين بأنه يتحالف سراً مع المنظومة البائدة ويجتهد في خدمة أجندتها عبر وجوده في رأس السلطة الانتقالية، بأن يكون متعمداً الحديث والحوار مع تحالف الحرية والتغيير المجلس المركزي حول إمكانية تسوية سياسية محتملة. والبرهان الذي ظهر وهو مُبشراً بقرب اتفاق مع الحرية والتغيير، يدرك جيداً أن المجتمع الدولي ممثلاً في الآلية الرباعية وبعثة الأمم المتحدة، جميعهم يسعى إلى استعادة المسار المدني الديمقراطي ، وأن الطريق إلى ذلك بات مستحيلاً دون أن تنخرط الحرية والتغيير تحديداً في عملية سياسية لأجل التوافق، ولأن الحرية والتغيير في نظر المجتمع الدولي هي الشريك الفعلي في الحكومة الانتقالية وهي التي أزاحها المكون العسكري عبر انقلاب 25 أكتوبر، وأن الحرية والتغيير انخرطت في مناهضة الانقلاب لكنها ظلت تتحدث عن ضرورة “إنهاء” الانقلاب ولم تتحدث عن إسقاطه أو رفض الحوار معه مثلما تتطرح لجان المقاومة وبقية الكيانات الثورية الأخرى، والبرهان يدرك أيضاً أن القوى المؤيدة لانقلابه والمتمثلة في أطراف سلام جوبا وبعض المجموعات الأخرى المكونة للحرية والتغيير – التوافق الوطني، ستكون هي الأكثر رفضاً لمشروع أية تسوية مع الحرية والتغيير، لأنها هي القوى التي حرضت العسكر للانقلاب على الحرية والتغيير، ومن جانب آخر يؤمن البرهان بأن قوى الثورة الحية ممثلة في لجان المقاومة والحزب الشيوعي والمهنيين وأسر الشهداء، فهم ينظرون للحرية والتغيير بريب شديد ويتهمونها بأنها قوى للهبوط الناعم، هذا فضلاً عن أن كل الكيانات الأخرى التي توالي المنظومة البائدة فهي ترفض وجود الحرية والتغيير في أجهزة الحكم، ولهذا كله يصبح أن الافتراض البديهي بأن البرهان أراد التبشير بالتسوية مع الحرية والتغيير ، لأنه يعلم بأنها سوف تُقابل برفض عريض من كل ألوان الطيف السياسي، كلٌ على حسب أجندته، وبهذا يكون البرهان قد تخلص من الحرية والتغيير أمام المجتمع الدولي وقام بإحراقها بأنها غير مرحب بها عند كل السودانيين وليست العسكر وحدهم.
همس الشارع
العسكر مثل “الحرباء” يغيرون جلدهم حسب الظرف الزماني !!
في وقت تدور فيه هذه الأيام الأحاديث عن الاقتراب من تسوية سياسية تُنهي الأزمة السياسية التي تطاول أمدها، تتحدث مجالس السودانيين عن مجموعة القيادات العسكرية المكونة للفترة الانتقالية، بأنهم لن يتخلوا عن الحكم والمناصب بعد جاءتهم من العدم، وأنهم يستطيعون تغيير جلودهم لمُسايرة المجتمع الدولي شريطة أن يبقوا في الحكم وبأية وسيلة !!.
سؤال الملف
هل وافق البرهان على إبقاء ياسر العطا شريطة أن يكون شمس الدين كباشي أيضاً باقياً في موقعه ؟؟
همس الكاميرا
لم يكن في أفقهم “تسوية”، بل صمودٌ حتى النصر !!